في ذكرى ثورة الياسمين ... شكرا للشعب التونسي

الجمعة، 14 يناير 2011


فاجأت انتفاضة الكرامة التونسية الكثيرين، بمن في ذلك 'العرافين' و المنجمين في  مراكز الأبحاث والدراسات في الغرب، وفضائيات الشرق، واثبت الشعب التونسي،  في عطائه، وتضحياته، وطموحاته، انه القامة الشامخة في محاربة الطغاة، والانتصار للعدالة ومكافحة الظلم. إيذانا ببدء عصر قض مضاجع الديكتاتوريات العربية، قبل أن يقذفها في مزبلة التاريخ.

الدرس التونسي درس عميق، لصيق بالوضع العربي عموما. فقد كانت تونس تعتبر مثال وطن آمن. ولكن صفعة في وجه شاب أحالت هذا الوطن المسالم إلى وطن ثائر لم يمنعه رصاص الحكومة من الهروب من المواجهة، و لذلك سـيبقى محمــد البوعزيزي عنوانا للكرامة والثورة على الظلم.

للتذكير فقط: انطلقت شرارة الاحتجاجات يوم 18 ديسمبر من عام 2010 من مدينة سيدي بوزيد، بعد إقدام شاب أكاديمي ـ يعمل بائع متجول ـ على الانتحار بإحراق نفسه احتجاجا على تعرضه للصفع والبصق على الوجه من قبل شرطية تشاجر معها، بعدما منعته من بيع الخضراوات والفواكه دون ترخيص من البلدية، ولرفض سلطات الولاية قبول تقديمه شكوى ضد الشرطية. وفي يوم الجمعة الموافق لـ 14 جانفي من عام 2011 هرب الرئيس التونسي من تونس.
لتنطوي بذلك صفحة من تاريخ طاغية حكم تونس بقبضة حديدية هو وعصابته منذ عام 1987 حتى بداية عام 2011.. النتيجة أن الشعب التونسي الرائع، الشعب الحر، الشجاع، لم يخسر إلا الفقر والجوع والذل والمرض والهوان والتخلف.


شكرا للشعب التونسي مرتين لا مرة واحدة.


شكرا للشعب التونسي مرة أولى، لأنه اثبت أن الشارع العربي ليس ميتا مثلما توقع الكثيرون، وانه قادر على الانتفاض وتقديم التضحيات من اجل التغيير.وشكرا للشعب التونسي مرة ثانية لأنه فضح الأنظمة الغربية التي تشدقت دائما بدعمها للحريات وحقوق الإنسان وقيم العدالة والديمقراطية.

حتى أخر لحظة كان ساركوزي يقول : "في تونس شهدت مساحة الحريات تقدّما ملحوظاً، وأنه على ثقة برغبة بن علي في مواصلة توسيع مساحة الحريات ". أما أمريكا التي غيرت أنظمة بالغزو والاحتلال وقتل مئات الآلاف من الأبرياء مثلما حصل في العراق وأفغانستان و ليبيا.  فرأيناها تتودد وتقول "للشعب التونسي كامل الحق والحرية في اختيار زعمائه " ؟ منذ متى تحترم أمريكا إرادة الشعوب

أمريكا و الغرب عموما، لا يهمها لا التونسيين ولا الديمقراطية، و إنما مصالحها الخاصة و إلا فأين كانت عندما كان الشعب يتجرع علقم الحكام، و حواشيهم، بل كانوا أصدقاءهم و حلفاءهم. و مثلهم يقول "مات الملك..عاش الملك."بل إن هيلاري كلينتون التقت وزراء الخارجية العرب في 'منتدى المستقبل' الذي انعقد في الدوحة في نفس السنة جلست مثل الأستاذة توبخ تلاميذها، وتلقي عليهم محاضرات في الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد وتطالبهم بالاستماع إلى أصوات شعوبهم في هذا المضمار.

جاءت ثورة الشعب التونسي البطل، لتؤكد إن الشعوب العربية والإسلامية حية لم تمت كما تصور الكثيرون (و أنا واحد منهم). وإنها إذا ما انتفضت لا يمكن الوقوف بوجهها، إذ لا أحد على الإطلاق كان يتوقع أن شعباً تم تكبيله بأنواع القيود، و أخبثها، وطبقت عليه كل أنواع النظريات الإجرامية الحديثة، بتكميم وتخدير الشعوب وبكل الوسائل، أن ينزل إلى الشوارع ويواجه قوات الأمن بصدور عارية ليطرد الدكتاتور. و تأكيدا على أنه عندما يكون الإنسان في وضع الفقر والبؤس فانه يتحول إلى إنسان يائس. يتساوي عنده الموت والحياة .

الشعوب التي تحقق مكتسبات هي أكثر الشعوب حرصا علي استقرارها، أما الشعوب التي لا تملك أي مكتسبات هي التي تثور عند أي شرارة ثوره.


0 تعليقات:

إرسال تعليق