في خطابه يوم 30 أبريل، جدد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة دعوته للمواطنين للمشاركة بقوة في انتخابات 10 مايو، معتبراً إياها محطة حاسمة لمصير الجزائر. لكن هذه الدعوة تأتي في سياق يكشف حاجة النظام الماسة إلى إظهار مشهد سياسي يُعزّز شرعيته، خاصة في ظل التحديات التي فرضها "الربيع العربي" وانهيار الأنظمة الاستبدادية في المنطقة.
الرهان على المشاركة
النظام يراهن بشكل كبير على نسبة المشاركة الفعلية كوسيلة لإظهار أنه لا يزال يتمتع بثقة الشعب، حتى لو كانت نتائج الانتخابات محسومة مسبقاً لصالح مرشحي السلطة. ومع ذلك، فإن الحرص المفرط على دفع المواطنين نحو صناديق الاقتراع يعكس قلقاً عميقاً من مقاطعة قد تفضح زيف المشهد الانتخابي، خاصة مع انتشار الكاميرات والهواتف الذكية التي يمكن أن توثق الواقع بعيداً عن الرواية الرسمية.
الترهيب كسلاح
لجأ النظام إلى أساليب الترهيب لدفع الناس نحو المشاركة، مستخدماً ذكريات "العشرية السوداء" وتهديدات بتدخل الناتو في حال المطالبة بتغيير جذري. لكن هذه التهديدات باتت تثير السخرية أكثر مما تُخيف، إذ يبدو أن الجزائريين فقدوا الثقة تماماً بالنظام وأصبحوا أكثر جرأة في التعبير عن رفضهم.
خوف النظام من المحاسبة
الحرص المفرط على إنجاح الانتخابات يعود أيضاً إلى خوف أركان النظام، وخاصة جهاز المخابرات، من مصير مشابه لمصير رموز الأنظمة المنهارة في المنطقة. هؤلاء يدركون أن أي تغيير جذري سيضعهم أمام العدالة لمحاسبتهم على عقود من الفساد والقمع.
سيناريوهات ما بعد الانتخابات
السؤال الكبير الذي يطرح نفسه هو: هل النظام مستعد لاستخدام العنف ضد أي مطالب بالتغيير، مما قد يؤدي إلى تدخل دولي؟ أم أنه مستعد للجوء إلى تقسيم البلد وبيع الوطن مقابل البقاء في السلطة؟
مهما كانت السيناريوهات، فإن الشعب الجزائري اليوم ليس كما كان في الماضي. لقد أصبح أكثر وعياً وتحدياً، وأمامه فرصة تاريخية لرسم مستقبله بنفسه. آفاق ما بعد 10 مايو قد تكون مليئة بالأخطار، لكن الأمل يبقى قائماً في أن يجنب الله الجزائر الانقسام والفوضى، ويحمي شعبها من مخططات المنتفعين الذين يرون في السلطة مصدر ثروة وليس وسيلة لخدمة الوطن.