الخميس، 4 فبراير 2021

متى نثق بعقولنا؟

في بلادنا، يمر العالِم الحقيقي أمام الناس فلا يُعرف، ينشر أبحاثًا فلا تُقرأ، ويقترح حلولًا فلا يُسمع له صوت. يشتغل بصمت، بإمكانيات محدودة، داخل المختبرات والجامعات، وسط بيروقراطية خانقة، وتجاهل إعلامي لا يليق بما يقدمه من جهد وفكر. ومع ذلك، يواصل هؤلاء العلماء عملهم في ظروف بالغة الصعوبة، لا رغبة في الشهرة، بل إيمانًا بأن للمعرفة دورًا في بناء أوطانهم.

لكن المفارقة المؤلمة تظهر حين يتلقّى أحد هؤلاء العلماء دعوة من قناة فرنسية، أو يُذكر اسمه في موقع أمريكي، أو يُستشهد بأبحاثه في مؤتمر أوروبي. فجأة، يتغير الخطاب: "إنه عبقري منّا وفينا!"، وكأن عبقريته لم تكن مرئية إلا بعد أن حصلت على الختم الأجنبي. وهنا نطرح السؤال المؤلم: هل يحتاج العالِم إلى جواز سفر فكري كي يُصدَّق؟ هل لا يُمنح الاعتراف إلا بإذنٍ من الخارج؟ وهل ننتظر شهادة من الآخر لنثق في عقول أبنائنا؟

هذا السلوك لا يعكس فقط خللًا في نظرتنا للعلم، بل يكشف عن أزمة أعمق، تُعرف في الأدبيات الفكرية والاجتماعية بـ"عقدة الاعتراف"، وهي الشعور بأن القيمة لا تكتمل إلا إذا تم تصديرها ثم استيرادها من جديد، بختم خارجي يضفي عليها شرعية مزعومة. هذه العقدة ناتجة عن تراكمات تاريخية وثقافية جعلتنا نربط الجودة والتفوق بما يأتي من الغرب، ونشكك في ما ننتجه بأيدينا، مهما بلغ من رصانة.

إننا لا نعاني من نقص في العلماء، بل من نقص في الثقة بهم. لدينا في الجزائر عقول نابضة في مجالات دقيقة ومتقدمة، من الذكاء الاصطناعي إلى البيوتكنولوجيا، من الطاقة المتجددة إلى علوم الصحة، لكنهم يعملون في الظل، ويُحرمون من التقدير ومن فرص التأثير في السياسات العامة. الإعلام بدوره يغيب عن دوره في تسليط الضوء على هذه النماذج، ويمنح مساحة أوسع لوجوه استعراضية لا تمثّل عمق التحولات العلمية التي يحتاجها الوطن.

حين نُقصي هؤلاء العلماء من الواجهة، لا نخسر فقط كفاءات، بل نخسر أيضًا فرصة بناء نماذج يُحتذى بها. الطفل الذي لا يرى عالمًا يتحدث بلغته، أو يظهر في قناته الوطنية، أو يُحتفى به في مدرسته، لن يحلم يومًا بأن يكون عالِمًا. وهكذا تتراكم الخسائر، لا على مستوى الأفراد فقط، بل على مستوى الثقافة العامة التي تُعلي من شأن "المستورد"، وتُهمّش المحلي.

إن إعادة الاعتبار للعلماء تبدأ من الداخل: من السياسات، من الإعلام، من المدرسة، من البيت، من ثقافتنا اليومية. لا نحتاج إلى انتظار وسام من الخارج لنقول عن أحدهم إنه عظيم. نحن بحاجة إلى أن نؤمن بأن العبقرية يمكن أن تولد بيننا، وتنمو بأيدينا، وتخدمنا نحن قبل غيرنا. ليست المشكلة في غياب الكفاءات، بل في غياب الثقة بها. وليست الأزمة في نقص العلماء، بل في غياب الضوء المسلَّط عليهم.

قد لا نملك دائمًا الإمكانيات نفسها التي تملكها الدول المتقدمة، لكن ما نملكه من عقول ومواهب قادر، لو حظي بالثقة والفرصة، أن يصنع الفرق. والأوطان لا تُبنى فقط بالإعجاب بما يُقال عنا في الخارج، بل ببناء منظومة تَعرف أبناءها وتعتزّ بهم قبل أن يعرفهم العالم.

QUALITE ARCHITECTURALE (2): QUAND LA MAITRISE D’OUVRAGE PUBLIQUE SABOTE L’ARCHITECTURE

Dans les écoles d’architecture, on apprend que l’architecte occupe une place centrale. Il est censé garantir la qualité architecturale, coor...