الأحد، 13 مايو 2012

الجزائر بين المشاركة والمقاطعة: انتخابات مايو واستراتيجيات النظام

في خطابه يوم 30 أبريل، جدد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة دعوته للمواطنين للمشاركة بقوة في انتخابات 10 مايو، معتبراً إياها محطة حاسمة لمصير الجزائر. لكن هذه الدعوة تأتي في سياق يكشف حاجة النظام الماسة إلى إظهار مشهد سياسي يُعزّز شرعيته، خاصة في ظل التحديات التي فرضها "الربيع العربي" وانهيار الأنظمة الاستبدادية في المنطقة.

الرهان على المشاركة

النظام يراهن بشكل كبير على نسبة المشاركة الفعلية كوسيلة لإظهار أنه لا يزال يتمتع بثقة الشعب، حتى لو كانت نتائج الانتخابات محسومة مسبقاً لصالح مرشحي السلطة. ومع ذلك، فإن الحرص المفرط على دفع المواطنين نحو صناديق الاقتراع يعكس قلقاً عميقاً من مقاطعة قد تفضح زيف المشهد الانتخابي، خاصة مع انتشار الكاميرات والهواتف الذكية التي يمكن أن توثق الواقع بعيداً عن الرواية الرسمية.

الترهيب كسلاح

لجأ النظام إلى أساليب الترهيب لدفع الناس نحو المشاركة، مستخدماً ذكريات "العشرية السوداء" وتهديدات بتدخل الناتو في حال المطالبة بتغيير جذري. لكن هذه التهديدات باتت تثير السخرية أكثر مما تُخيف، إذ يبدو أن الجزائريين فقدوا الثقة تماماً بالنظام وأصبحوا أكثر جرأة في التعبير عن رفضهم.

خوف النظام من المحاسبة

الحرص المفرط على إنجاح الانتخابات يعود أيضاً إلى خوف أركان النظام، وخاصة جهاز المخابرات، من مصير مشابه لمصير رموز الأنظمة المنهارة في المنطقة. هؤلاء يدركون أن أي تغيير جذري سيضعهم أمام العدالة لمحاسبتهم على عقود من الفساد والقمع.

سيناريوهات ما بعد الانتخابات

السؤال الكبير الذي يطرح نفسه هو: هل النظام مستعد لاستخدام العنف ضد أي مطالب بالتغيير، مما قد يؤدي إلى تدخل دولي؟ أم أنه مستعد للجوء إلى تقسيم البلد وبيع الوطن مقابل البقاء في السلطة؟

مهما كانت السيناريوهات، فإن الشعب الجزائري اليوم ليس كما كان في الماضي. لقد أصبح أكثر وعياً وتحدياً، وأمامه فرصة تاريخية لرسم مستقبله بنفسه. آفاق ما بعد 10 مايو قد تكون مليئة بالأخطار، لكن الأمل يبقى قائماً في أن يجنب الله الجزائر الانقسام والفوضى، ويحمي شعبها من مخططات المنتفعين الذين يرون في السلطة مصدر ثروة وليس وسيلة لخدمة الوطن.

الأربعاء، 4 يناير 2012

كيف حوَّل العرب الديمقراطية إلى مهرجان زواج متعة

في عالم عربي تربى على التفرد والسلطة، وجدت الديمقراطية الغربية نفسها غريبة عن البيئة، كعروس دخلت بيتًا لا يشبهها، فاختُطفت قيمتها، وانتُهكت أهدافها تحت عيون المراقبين من الدول الكبرى ومنظمات حقوق الإنسان. لم يكن العرب ضد الديمقراطية لأنهم يكرهون الحرية، بل لأنهم تعاملوا معها كفكرة مستوردة، وكأنها مجرد كلمة تُردَّد في المناسبات أو شرارة تُشعل عند الحاجة، ثم تُطفأ بعد انتهاء المسرحية الانتخابية.

ماذا يعني أن تكون لدينا "ديمقراطية"؟

ما الذي حدث بالفعل؟ حاول العرب التعامل مع فكرة الديمقراطية بأطر ثقافية وسياسية مختلفة، فلم يسعوا لزواج شرعي حقيقي يحترم قيم هذه الفكرة، بل اختاروا ما يشبه "زواج المتعة": استخدموها وقت الحاجة، ثم طلقوها بمجرد أن تحققت المصالح. البعض رضي بـ"زواج المسيار"، حيث تتنازل المعارضة عن دورها الحقيقي مقابل وجود شكلي ومخصصات مالية رمزية. والبعض الآخر اختار "الزواج بالضرة"، حيث يبقى الحاكم فوق كل اعتبار، ويحكم عبر قوانين الطوارئ، بينما يُطلب من الشعب القبول بالواقع باسم "الاستقرار الوطني".

أنواع الديمقراطيات في العالم العربي

ولأن العرب أمة الخصوصيات، فقد طوَّروا نسخاً محلية من الديمقراطية، تختلف جذرياً عمّا يعرفه العالم:

  • الديمقراطية الموسمية: تظهر فقط في مواسم الانتخابات.
  • الديمقراطية الرمزية: حيث يُرفع شعار الديمقراطية دون تفعيل آلياتها.
  • الديمقراطية الثابتة والوراثية: الحكم لا يتغير، سواء كان بالدم أو بالقوة.
  • الديمقراطية الدينية: تحويل الشعارات الدينية إلى أدوات انتخابية.
  • الديمقراطية المشاكسة: معارضة بلا فعل، واحتجاج بلا حلول.

كل هذه الأنواع ليست إلا إنتاجاً محلياً خالصاً، يعكس الواقع السياسي العربي، ويُظهر مدى بُعد بعض التجارب عن الروح الحقيقية للديمقراطية.

ماذا عن الدور الغربي؟

لكن الغرب، الذي يدَّعي أنه نصير للحرية، سكت على هذا التشويه. بدلاً من دعم الشعوب ومساعدتها على بناء دول حقيقية، راهن على الأنظمة التي تخدم مصالحه، وغض الطرف عن التزوير والفساد، طالما كانت أبواب النفط والمصالح مفتوحة. المنظمات الدولية التي تصرخ لو قُطع شعرة من رأس طفل في الغرب، تصمت بصمت الموت حينما تُقتل الشعوب العربية وتُنتهك حقوقها.

الخلاصة: هل يمكننا إعادة تعريف الديمقراطية؟

الديمقراطية إذن، في كثير من الساحات العربية، أصبحت مجرد لعبة سياسية، تُستخدم لشرعنة الاستبداد، وتمويه الفساد، وإيهام العالم بأن هناك تطوراً ديمقراطياً، بينما الواقع يقول غير ذلك. إذا كنا نريد ديمقراطية حقيقية، فهي لن تأتي من الخارج، ولن تُفرض بقوانين أو تدخلات أجنبية، بل يجب أن تكون نتاجاً طبيعياً لوعي شعبي حقيقي، ورغبة حقيقية في التغيير، بعيداً عن المصالح الضيقة والاستنساخ الأعمى.

QUALITE ARCHITECTURALE (2): QUAND LA MAITRISE D’OUVRAGE PUBLIQUE SABOTE L’ARCHITECTURE

Dans les écoles d’architecture, on apprend que l’architecte occupe une place centrale. Il est censé garantir la qualité architecturale, coor...