الاثنين، 21 أبريل 2025

غزة، الجريحة، هي من علمتنا من أين يبدأ الشرف، وأين ينتهي الزيف.

في زمنٍ ضاعت فيه البوصلة، وتبدّلت فيه المواقف، جاءت غزة لتكون الكاشفة كاشفةٌ للحقائق، للوجوه، للمبادئ، وحتى للضمائر. فما عاد الأمر يحتمل لبسًا أو رمادية. إما أن تكون مع الحق، أو تكون في صف الباطل، ولو بصمتك. لقد سقطت كثير من الأقنعة، ليس فقط عن وجوه الأعداء، بل عن أولئك الذين اعتادوا التزيّن بلبوس الدين، أو التلطي خلف شعارات الحياد، والموضوعية، والبعد عن "الفتنة". سقطت تلك الادعاءات التي طالما استخدمت لتبرير الصمت، بل التواطؤ، مع الظالم، ومع المحتل، ومع المجرم. فجأة صار البعض يتحدث عن "المصلحة"، وعن "تهدئة النفوس"، وعن "موازين القوى"، وكأنهم يتناسون أن الموقف الأخلاقي لا يُقاس بميزان الربح والخسارة، بل بثبات المبدأ، وبالاصطفاف إلى جانب الإنسان، مهما كلف الأمر.غزة، رغم الجراح، لم تعد فقط مدينة محاصَرة، بل أصبحت امتحانًا مفتوحًا أمام الشعوب والأنظمة، والعلماء، والمثقفين، والمؤثرين، امتحانًا لا مجال فيه للغش ولا للتأويل.
فأين تقف؟
مع من؟
ولماذا؟
العدو معروف،
والمعتدي واضح،
أما من يبرر القتل، أو يساوي بين الجلاد والضحية، أو يختبئ وراء فتاوى مهجّنة أو تحليلات باردة، فهؤلاء أخطر من العدو نفسه. لأنهم يزرعون الشك في القلوب، ويشوشون البوصلة الأخلاقية.
غزة، رغم النزيف، أقوى من كل آلات الحرب. لأنها انتصرت في المعنى. انتصرت حين عرّت من يدّعون أنهم أصحاب مواقف، وهم في حقيقتهم تجار كلمات. انتصرت حين أعادت تعريف الكرامة، وربطتها بالفعل لا بالخطاب.
فالحرية لا تحتاج إلى تبرير، والعدالة لا تحتاج إلى تحليل، والموقف الأخلاقي لا يحتاج إلى إذن من أحد.
وغزة… لا تزال الكاشفة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

QUALITE ARCHITECTURALE (2): QUAND LA MAITRISE D’OUVRAGE PUBLIQUE SABOTE L’ARCHITECTURE

Dans les écoles d’architecture, on apprend que l’architecte occupe une place centrale. Il est censé garantir la qualité architecturale, coor...