الثلاثاء، 29 أبريل 2025

الأمم المنحطة فقط، تعظم التفاهات

إن من أبرز علامات انحدار الأمم واضمحلالها، انصرافها عن القيم العليا والمبادئ السامية إلى تعظيم التفاهات والانشغال بالمظاهر الفارغة. فالأمم القوية تبني مجدها على أساس من العلم والعمل والفضيلة، بينما الأمم التي فقدت رسالتها تغرق في اللهو والترف، حتى يصبح التفاهة معيارًا للنجاح، والتافهون رموزًا للاقتداء.
وقد أشار إلى هذه الظاهرة كثير من المفكرين، منهم عبد الرحمن بن خلدون الذي اعتبر الترف مقدمة لانهيار الحضارات، حيث يقول في "المقدمة": "إذا استحكمت طبيعة الترف في الجيل، فصار عائدة له، تحوّل إلى العجز عن اكتساب المعاش، وعجز عن المدافعة..."
وكذلك مالك بن نبي، الذي رأى أن الشعوب المستعمَرة لا تنهض إلا بتجاوز حالة "القابلية للاستعمار"، التي تتجلى ـ ضمن مظاهر أخرى ـ في تعظيم ما لا قيمة له وإهمال ما يصنع المستقبل.
إن انشغال المجتمعات بالتوافه لا ينشأ صدفة، بل هو نتيجة فراغ فكري وأخلاقي يجعل الجماهير تميل إلى ما يلهيها عن واقعها البائس. وحينما تصبح ثقافة التفاهة هي السائدة، تتآكل مقومات الحضارة من الداخل، فيفقد المجتمع قدرته على الإبداع والتجديد، وينتهي به الحال إلى الزوال.
إنه قانون تاريخي ثابت: الأمم التي تعظم التفاهات، أمة آيلة للسقوط. ولا نهضة حقيقية إلا بالعودة إلى تعظيم القيم الخالدة: العلم، العمل، الحرية، والعدالة.

إذا عظّمتْ أمةٌ تافِهيها

فبئس المآلُ، وضاعتْ خطاها

تهيمُ على وجهها في الهباءِ

وتُطفئُ باللغو نورَ سَناها

فما المجدُ إلا لعقلٍ رشيدٍ

وما الفخرُ إلا لِمَنْ قدْ بَناها

فَشُدّوا على العِلمِ أزرَ الكرامِ

بهِ وحدَهُ تَحْيَ أممٌ وسَماها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

QUALITE ARCHITECTURALE (2): QUAND LA MAITRISE D’OUVRAGE PUBLIQUE SABOTE L’ARCHITECTURE

Dans les écoles d’architecture, on apprend que l’architecte occupe une place centrale. Il est censé garantir la qualité architecturale, coor...